لا أتخيل مكاناً يمر عليه فترة من الزمن منذ إنشائه ثم لا يخضع لعمليات صيانة و تعديل، تخيلوا معي لو سكنّا في عمارة و أهمل صاحب العمارة صيانتها و الاهتمام بها، كيف سيكون حالها ، بل كيف سيكون حال سكانها، فبلا صيانة و تجديد ستمر الكثير من المشاكل على السكان كمشاكل المياه و الكهرباء و تحطم الدرج من كثر الاستعمال و غيره من الأمور ، إذاً فمن المؤكد أن السكان سيهربون إلى عمارة أخرى ، بحثاً عن مكان يوفر لهم حياة مريحة و خالية من المنغصات ..
هكذا قلبك يحتاج إلى صيانة ، فبلا صيانة سيخرب القلب و ترتع فيه الذنوب و المعاصي ليصبح أسوداً قاسيا، فمعنى صيانة القلب العودة لله سبحانه و تعالى و تجديد التوبة حتى نهنأ بحياة سعيدة في ظل رضى الله سبحانه و تعالى ، ألا تلاحظون أن صاحب المسكن يحدد فترة من كل عام ليجدد متطلبات سكنه و يتفقدها!، فنرى جُلّ تفكيره و طاقته في إعادة تجديد ذلك المنزل ، ليحشد الأموال و العمّال للعمل الدءوب من أجل إعادة الإعمار..
اسأل نفسك ، متى تبدأ عملية صيانة قلبك، ما هو الوقت المناسب لتشمير الأيادي و تكثيف الطاعة لنريح قلوبنا بعد عناء عام كامل، متى نستطيع أن نطهر قلبنا من الأدران المتبقية بداخله فتخرج بلا عودة ،لا أجد وقتاً أفضل من شهر رمضان فهو شهر إصلاح القلوب و صيانتها ، و هو شهر التقوى التي مقرها القلب فقد قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، و التقوى تعني الخوف من الله سبحانه وتعالى و العودة إليه و العمل بما يرضيه..
ها هو شهر الخيرات أطلّ علينا، شهر المغفرة و العتق من النيران ، شهر تكثيف الطاعة للفوز بالجنات التي وعد الله سبحانه و تعالى عباده المؤمنين ، ما أكثر مساعي أهل الخير في هذا الشهر الكريم ، فلا راحة لهم و لا هناء حتى يتلذذوا بكل دقيقة في طاعة الله تعالى ، فتراهم في النهار صائمين قارئين ، و في الليل قائمين مستغفرين ليكونوا ممن أعتقهم الله من النار في هذا الشهر الكريم ، و في المقابل ما أكثر نشاط شياطين الإنس في هذا الشهر الفضيل ، فلا أعطوا هذا الشهر حرمته و تنافسوا على إغواء الناس و إفسادهم ببرامج إفساد و خراب للدين و العقل، و ازدادت قلوبهم سواداً و بعداً عن الله تعالى .
انتبه فوقت صيانة القلب سيبدأ بعد أيام بإذن الله ، اجتهد و ادعوا الله أن يعينك حتى تكون ممن أصلح الله قلوبهم ، لا تتكاسل و لا تفتر توكل على الله و اطمع لجنات غالية.
Lilyan